Friday, October 19, 2018

لقاء مناقشة رواية "عتبة الباب" للكاتبة سندس برهوم في مكتبة أنطوان

وفاء درويش وهدى مرمر


التقى في ١٣ آب ٢٠١٨ أعضاء نادي "مدمني الكتب" Bookoholics لمناقشة رواية "عتبة الباب" للكاتبة سندس برهوم في مكتبة أنطوان فرع أسواق بيروت وذلك بالتعاون مع دار هاشيت أنطوان نوفل. كان لقاء مناقشة كتاب رقم 97 للنادي وتجدون صفحنه علي الفايسبوك هُنا.



- تعريف عن الكاتبة: سندس برهوم هي كاتبة سوريّة، من مواليد عام 1975. نالت إجازة في علم الاجتماع من كلية الآداب في سوريا، ودبلوم علم نفس أطفال من الجامعة البريطانية، ودبلوم حماية طفل معنّف من المعهد العالي للبحوث السكّانيّة في سوريا، وماستر في الرعاية النفسيّة الأوّليّة في مناطق الكوارث والحروب. تعمل اختصاصية اجتماعية في وزارة الصحّة السوريّة منذ عام 2000. نشرت عدّة مقالات في مجلة شبابلك وجريدة بلدنا. “عتبة الباب” هو عملها الروائيّ الأوّل.

صدرت الرواية في 2015 عن دار هاشيت أنطوان، نوفل في بيروت، وهي مؤلّفة من 96 صفحة.


- تعريف الرواية ونوعها الأدبي باختصار:  نوع الرواية هي معاصرة واقعيّة تدور في فلك الحرب السوريّة من وجهة نظر الأم. تٌزاحم الرواية مشاعر وأفكار الراوية المتخبّطة في جو الحرب المشحون بالفراغ والخوف. وظّفت الكاتبة هذه التقلّبات في نفسيّة وإحساس الراوية لإبراز ثيمات الرواية الرئيسيّة وهي: الحرب، الموت، الخواء، الهجرة، الأمومة، الانتماء، الخسارة، والوطن. كلّ من هذه الثيمات تتطوّر وتتباين مع تصاعد حدّة الأفكار والمشاعر في ضمير وقلب الراوية.

كان اللقاء شيقاً وممتعًا، فبعد التعريف عن الكاتبة، بدأ الاعضاء بمناقشة المواضيع والأفكار المطروحة في الرواية، ابتداءً من أول صفحة.


قال البعض أنها كانت تمهيداً رائعاً لبداية الرواية، وأكّد البعض أنّ ما ذُكر يصف مراحل لا بدّ أن تمرّ بها كل إمرأة خاصّة إن كانت أمًّا:

“.... أول معلومة تسبّبت لي بالألم العظيم كانت عن دورة الحياة. على قساوتها، اضطررت لأن أعلّمها لطفلي٠ القطة تأكل العصفور...
العصفور يأكل الدودة... كان عليّ أن أقنعه بأننا نستطيع أن نأكل الدجاجة التي ربّيناها منذ أن كانت صوصأ أصفر صغيراً... سنأكل الدجاجة التي أحببناها!
في الحرب، ما هي الحقيقة التي عليّ أن أعلمه إياها؟
في المعادلة بين أن تكون قاتلاً أو قتيلاً، ماذا سأقول له؟
لن أجيب عن هذا السؤال... سأترك هذه المهمة له... وحده طفلي من يقرّر.”

الثيمات أو المواضيع المطروحة في الرواية هي: الحرب، الموت، الخواء، الهجرة، الامومة، الانتماء، الخسارة والوطن.

وبعد التمهيد انتقل الحديث من موضوع الى آخر، منها الحرب وأجواء الإختباء والخوف والرعب. وجد بعض الاعضاء ممّن عاشوا أيام طفولتهم في خضمّ أحداث الحرب الأهلية اللبنانية نفسهم أمام مشاهد مماثلة لما عايشوه، ومنها الاختباء تحت الأدارج وخطورة التنقلات خارج البيت وأصوات التفجيرات ومحاولة تخمين مكانها وغيرها الكثير ممّا ذكرته الكاتبة بالتفاصيل في "عتبة الباب".



كما تحدّث الأعضاء عن الخوف والموت وكيف تختلّ جميع الموازين عند من يعيش أهوال الحرب وتصبح الحاجات الأساسية ذات قيمة أكبر وكل ما عداها سخف ومطالبة بالكماليات.
“هل من الممكن، خلال ساعات قليلة فقط، أن نتغيّر فنفعل ما كان مستحيلاً علينا أن نفعله من قبل؟ ما الذي تغيّر خلال ذلك الوقت؟.....
لكن هناك ما تغيّر بالضرورة... ربما هو إحساسنا بالأشياء. يضحكني لا جدوى كل ما عشنا من أجله في حياتنا.
.... قبل عدة ساعات كنت متشدّدة أمام أدق تفاصيل الحياة اليومية، وقبل ساعة واجهت أنا وطفلاي وأصدقائي الموت. الموت الذي يمحو معه كل ما نعيشه. جبروت الموت رمى بي على هامش من السخرية بلا أدنى قيمة. أقف الآن عارية وصغيرة أمام حقيقتي. تغرقني السخافة فيتسع الفراغ المزروع في معدتي وينتصب معه إحساسي العميق بالذنب. “



كانت المشاعر بارزة لدى الجميع عند الحديث عن موضوع الخسارة والأمومة، خسارة الألفة مع الطرق والمدن ورائحة الهواء وطعم الشاي والخبز، خسارة الأحبّة، خسارة الذكريات الجميلة لأن من نشاركه إيّاها قُتل او استشهد.
أما المشاهد المتعلقة بفاجعة الأمهات بموت اولادهن وفاجعة الأهل بموت أحد أفراد العائلة فقد مهّدت للتطرّق لمواضيع الهجرة أو اللجوء والانتماء والوطن، فباح بعض الأعضاء بأنه كان قد اختار الرحيل عن الوطن والبعض الآخر البقاء في الوطن. وهنا ربط الجميع نهاية الرواية بقرار الرحيل أو البقاء بمواقفهم الشخصيّة منها وارتأوا أنّ النهاية أتت موفّقة ولو تعدّدت أسبابهم.



كان هناك إجماع على أنّ الكاتبة استطاعت ان تجعلهم يعيشون أحداث الرواية، وأنها أتقنت وصف الحالة النفسية للراوية، أما  أسلوب الكتابة فكان جميلاً وبسيطاً لا يخلو من العمق والجمالية والشاعريّة، لذا كانت كتب القرّاء تعجّ بالملصقات المحدّدة لاقتباساتهم المفضّلة.
قرأ الجميع بعضًا من الاقتباسات التي أحبوا والتي أثّرت بهم أو خدمت النص وسجّلت تطوّر أحداث الرواية وحالة الراوية النفسيّة والفكريّة.
لم يغفل الاعضاء عن ذكر المواقف الصعبة والمؤلمة في الرواية (حبسوا دموعهم)، وتحدّثوا عن المشاعر التى انتابتهم خلال القراءة، وتمنوا أن يلتقوا بالكاتبة في وقت آخر. أغنى النقاش حضور أعضاء ترعرعوا في أو زاروا دمشق فأضفت شهاداتهم وذكرياتهم نكهة خاصّة زادت من حميميّة المناقشة. تراوح تقييم الرواية من قبل الأعضاء ما بين 3 و5 نجمات من أصل خمسة وذلك تبعًا لمدى تأثّرهم واقتناعهم بشخصيّة الراوية حيث البعض تماهى أو تفهّم شخصيّة الراوية القلقة والمفرطة في التفكير في مقابل قرّاء وجدوها ضعيفة وبعيدة عنهم. رواية مميّزة تستحقّ القراءة.


دليل مناقشة رواية "عتبة الباب"

- بنية الرواية و الزمان والمكان :

تدور أحداث الرواية في سورية. تتنقّل الراوية من المدينة إلى مسقط الرأس حمص وإلى اللاذقيّة حيث تلتقي بالأصدقاء. الأماكن هي منزل الراوية ومنازل أصدقائها ومعارفها وعائلتها بالإضافة إلى الحي في حمص حيث يقطن الحبيب السابق ومحل والدها. للسرير وغرفة النوم وباب المنزل وعتبته والطرقات أهميّة في السرد وفي تطوّر حالات لور. الزمان هو الزمان الحاليّ وقت كتابة الرواية، زمن الحرب السوريّة الحاليّة.


الأفكار والثيمات والرموز المطروحة
تختزل الكاتبة الحرب السورية في شخص لور الإبنة والزوجة والأم والصديقة والمواطنة السورية. نتأرجح معها بتخبطاتها ومخاوفها ومشاهد الموت التي تراها أمامها أو من على شاشة التلفاز أو من أفواه الجيران والأقارب أو في مخيلتها. تشعر بالخوف والفراغ والسواد يخيمون على أحشائها وفكرها ومشاعرها ويعششون فيها إلى أن تستسلم لهذا الشلل البارد الذي يدفعها إلى الهرب من كل شيء؛ الهرب من المكان ومن الآخرين. وتنتهي بأن تهرب أيضا من ذاتها وتعيش في مأتم لموت تنتظره.


- نقد طبيعة وتطوّر الشخصيات
الشخصيّة الرئيسيّة هي الراوية الأم، لور. الشخصيّات الثانويّة تنقسم ما بين أفراد عائلة الراوية (الزوج أنس والوالد وأولادها) وشخصيّات من ماضي الراوية (أصدقاء قدماء وحبيب سابق).


- أسلوب الكتابة والسرد : تسلسل وترابط ومنهجية الأحداث
الأسلوب الكتابي وصفيّ مشهديّ وسرديّ يتوزّع ما بين سرد أحداث خارجيّة (أصوات المدافع ومشاهد الخراب والأماكن المغلقة) أو توغّل في فكر وإحساس. صوت الراوية هو ضمير المتكلّم أنا وعالم الرواية هو عالم لور النفسيّ بشكل أساسيّ.
يتدرّج السرد من العام إلى الخاص ومن الخاص إلى العام إذ أن الراوية تتفاعل مع ما يحدث حولها من ويلات الحرب وتختزنها في داخلها حيث يتولّد صراع ذاتيّ وتخبّط في المشاعر وتأرجح في الأفكار تودي بها إلى انهيار شامل كامرأة وأم وابنة ومواطنة سوريّة.


- اللغة والمصطلحات المستخدمة والحوارات
بالنسبة للّغة والمصطلحات المستخدمة فهي بسيطة ومباشرة لا تخلو من الجماليّة والعمق. استخدام مصطلحات كثيرة تدلّل وترمز إلى الأمومة: تقلصات الولادة ص 23, غرقها في الماء ص 49, ذكرى الحليب ص 54 والرحم ص 59


- الأسئلة :

- الانطلاق من العنوان: تدور الرواية حول عتبة الباب وهي رمز للهرب والهجرة والوطن. تدفع الحرب الأم للبحث عن طريق لحماية أطفالها. تدفعها نحو عتبة الباب. وتتلخّص الرواية بهذا الصراع قرب العتبة. هل تغادرها أم لا؟ ص 87 هل كنتم ستغادرونها؟ كيف تستطيع الأم حماية عائلتها من حرب يوميّة لم تتوقّف منذ سنين؟ ص 67 تريد المقاومة لكن كيف ستضبط الهواء ص 68؟

- ص 7: مع النظرة الأولى لطفلي... قراءة أبرز ما ورد في هذه الصفحة ومناقشتها. ما الذي شعرتم به حين قرأتم هذه الصفحة؟ ما كان أول انطباع؟

- سندس برهوم لا تمهل القارىء. تبدأ الرواية بأصوات القصف والانطواء والاحتماء في ردهة منزل ليس منزل الراوية. يبدأ الشعور بالاختناق هنا ونمضي مع الراوية نحو انفعالاتها العاطفية والجسديّة. الرهبة والخوف. كم كان المشهد ملموسًا؟ هل سبق وعايشتم وضعًا مشابهًا؟ كيف تصرّفتم؟ ص 23 تشبيه أصوات المدافع بتقلّصات الولادة.

- ص 12: حضور الجسد قوي. تحاول حماية أولادها بجسدها ثم تشعر بانكماش في قلبها ومعدتها ص 15 فتنهار ص 19. ص 36 يسكنها الفراغ. فقدان الثقة بسبب الفراغ ص 52.

- تتصاعد وتيرة صراع لور مع تصاعد وحشيّة الحرب كي تبلغ حد الانهيار الشامل. كيف رأيتم هذا التطور؟ ما أكثر عامل شعرتم أنه أودى بالراوية إلى الهاوية؟ الخوف؟ القلق؟ الموت؟ فقدان الأمل؟ الشعور بعدم الانتماء؟

- الشعور بعدم الانتماء: الكره والتقاتل. ص 37. خسائر الحرب ص 38 و39. فقدان الأمل ص 40 و55.

- التفاصيل اليومية تبعث بالحنين والذكريات وتولّد الفراغ ص 44. كيف وجدتم علاقتها بوالدها؟ ما أهميّة عودتها إلى منزل العائلة والماضي؟ هل كانت محاولة أخيرة للتأقلم وغيجاد ذاتها؟ ماذا عن حبيبها السابق؟

- الراوية هي أم. هل قوّى أو أضعف الرواية هذا الاختيار؟ هل شخصيّة أم سوريّة (بمعزل عن لور بالتحديد) هي اختيار موفّق؟ هل غير الأم وفجيعتها قد يقف في وجه الحرب ويوحّد أطيافها المختلفة في المستقبل؟

- الفراغ. الخواء. نرى ما فقدنا من الأشخاص والأماكن. ص . هل شعرتم بطغيان الفراغ في الرواية؟ أين؟ وكيف تفاعلتم مع هذا الفراغ والصمت؟ ص 73 و 60. الفراغ والبرد والشحوب ص 66.

- البرد يشلّ الأعصاب: انحدار لور نحو عتمة الاكتئاب ص 73 و77.

- هل نستطيع فعلا الشعور بما يعيشه السوريّون الآن؟ هل قرّبت الرواية هذه الصورة؟ ص 70: التفاؤل أوالتشاؤم؟

- العلاقة مع الرجل والسعادة الزوجيّة والجنس: علاقات مسروقة وإرادة حياة مقابل الاستسلام ورفض الجنس ص 74. الأمان والحب ص 48. تحدّي وغضب وفراغ يتسلّل إلى القلوب والسرير ص 71.

- تحوّل الأم إلى شخصيّة عدائيّة بسبب الخوف والقلق ص 72.

- محاولة التعايش مع الموت: ص 78 و 79.

- محاولة تعايش الأمهات السوريات مع الموت: ص 80 و81.

- قرار الرحيل: التفكير في خسارة المتع الصغيرة المتبقّية: ص 83. 

- الحيرة والتردّد: ص 84 وحتى النهاية: ما أهميّة هذا الجزء من الرواية؟ نتخبّط مع لور بتردّدها وحتّى اتّخاذها قرارها النهائي. هل أتى مقنعًا؟ ماذا كنتم ستفعلون مكان لور؟

- وكأنّ ما يداوي الأمومة المجروحة وما يلخّص إرادة الحياة هو الأمل بولادة جديدة وحمل جديد من رحم المعاناة: هل الامومة هي الحل؟ الأمل؟ يزهر الالم ص 95.


No comments:

Post a Comment